يُعد الفتق الاربي في الخصية من أكثر المشكلات الجراحية شيوعًا لدى الأطفال، ويحدث عندما يبرز جزء من الأمعاء أو الأنسجة الداخلية عبر منطقة ضعيفة في جدار البطن، مما قد يصل أحيانًا إلى منطقة الخصية عند الذكور. هذه الحالة قد تظهر منذ الولادة أو خلال السنوات الأولى من عمر الطفل، وإذا لم تُعالج بشكل صحيح قد تتسبب في مضاعفات خطيرة مثل انحباس الأمعاء أو تأثر نمو الخصية.
في هذا المقال، وبخبرة د. خالد صلاح – استشاري جراحة الأطفال، سنتناول أهم أسباب الفتق الإربي عند الأطفال، وكيفية التعرف على أعراضه المبكرة، وأبرز الطرق الحديثة لعلاجه جراحيًا وبالمنظار لضمان شفاء سريع وآمن.
ماذا يعني الفتق الاربي في الخصية عند الأطفال ؟

يولد جميع الأطفال بوجود قناة طبيعية تُشبه النفق تُعرف باسم القناة الإربية، وهي ممر يصل بين تجويف البطن والأعضاء التناسلية. خلال مرحلة نمو الجنين، تتشكل خصيتا الجنين الذكر داخل البطن، ثم تتحركان تدريجيًا عبر هذه القناة حتى تستقرا في كيس الصفن.
في الوضع الطبيعي، تُغلق القناة الإربية قبل الولادة بشكل كامل. ولكن في بعض الحالات، لا يحدث هذا الإغلاق التام، مما يترك فتحة صغيرة تسمح بمرور الأمعاء أو جزء من الأنسجة من البطن نحو القناة الإربية، مسببًا ما يُعرف بـ الفتق الإربي.
على الرغم من أن الفتق الإربي ليس شائعًا جدًا، إلا أن احتمالية حدوثه قائمة، وقد يتضمن أحيانًا نزول جزء من الأمعاء أو حتى بعض الأنسجة المحيطة بمنطقة الحوض.
يؤكد الدكتور خالد صلاح، استشاري جراحة الأطفال وجراحة المناظير، أن الكشف المبكر عن الفتق الإربي عند الأطفال يُعدّ خطوة أساسية لتجنب أي مضاعفات محتملة، وأن التدخل الجراحي البسيط غالبًا ما يكون الحل الأمثل لضمان سلامة الطفل ونموه الطبيعي دون مشكلات مستقبلية.
أسباب الفتق الإربي في الخصية عند الأطفال
رغم عدم وجود سبب محدد وواضح يؤدي إلى الفتق الأربي أو فتق الخصية، إلا أن هناك مجموعة من العوامل التي تزيد من احتمالية ظهوره، سواء عند الأطفال أو البالغين. ومن أبرزها:
- الولادة المبكرة: إذ قد تؤدي إلى بقاء القناة الأربية مفتوحة، مما يهيئ لحدوث الفتق في مراحل مبكرة من العمر.
- الجنس: يُعد الذكور أكثر عرضة للإصابة مقارنة بالإناث نظرًا لطبيعة القناة الأربية لديهم.
- العوامل الوراثية وضعف الأنسجة: إذ تلعب الجينات دورًا رئيسيًا في قوة جدار البطن وقدرته على مقاومة الضغط الداخلي.
- السمنة وزيادة الوزن: حيث ترفع من الضغط الواقع على عضلات البطن.
- الحمل عند النساء: يزيد من الضغط على منطقة البطن، مما قد يسبب ظهور الفتق الأربي.
- السعال المزمن أو الإمساك المستمر: يضاعفان الضغط الداخلي في البطن مع مرور الوقت.
- الإصابة السابقة بالفتق الأربي: تزيد من احتمالية تكراره مستقبلًا.
- التليف الكيسي: بسبب ارتباطه بالسعال المتكرر وضعف الأنسجة.
فهم هذه العوامل يساعد في الكشف المبكر وتقليل مخاطر تطور الفتق الأربي أو فتق الخصية، خاصة لدى الأطفال تواصل مع دكتور خالد صلاح للإستشارة ووضع خطة علاجية صحيحة.
عملية الفتق الإربي عند الأطفال
يُعد التدخل الجراحي هو الحل الأمثل لعلاج الفتق الإربي عند الأطفال، حيث تهدف العملية إلى إعادة الأنسجة أو الأمعاء المنفتقة إلى مكانها الطبيعي وإغلاق الفتحة في القناة الإربية لمنع تكرار المشكلة. غالبًا ما تستغرق العملية أقل من ساعة واحدة وتُجرى في معظم الحالات ضمن العيادات الخارجية، مما يسمح للطفل بالعودة إلى المنزل في نفس اليوم.
قبل العملية الجراحية يتم تخدير الطفل بواسطة طبيب مختص في التخدير العام، مما يُساعد على ارتخاء العضلات وعدم شعور الطفل بأي ألم طوال فترة العملية.
أثناء العملية يقوم الجرّاح بعمل شق صغير في منطقة الفخذ (الأربية)، ثم يُعيد محتويات الفتق إلى مكانها الطبيعي داخل البطن، ويغلق القناة الإربية جيدًا لتفادي تكرار الفتق في المستقبل. بعد ذلك، يتم تغطية الجرح بشريط طبي خاص لحمايته وتعزيز التئامه.
بعد العملية غالبًا ما يتمكن الطفل من العودة إلى المنزل بعد ساعات قليلة من الإفاقة، إلا إذا كان مولودًا خديجًا أو لديه حالة طبية خاصة، ففي هذه الحالة قد يحتاج للمبيت بالمستشفى للملاحظة.
يحدد الطبيب موعدًا للمراجعة بعد 7–10 أيام لفحص مكان الجراحة والتأكد من التعافي السليم.
فتق اربي في الخصية: العلاج وطرق الوقاية
رغم عدم وجود وسيلة مضمونة تمنع ظهور الفتق الأربي أو فتق الخصية بشكل كامل، إلا أن اتباع بعض العادات الصحية يمكن أن يقلل من فرص الإصابة أو من احتمال عودته بعد العلاج. ومن أبرز هذه الطرق:
اتباع نظام غذائي غني بالألياف: لتفادي الإمساك المزمن الذي يساهم في زيادة الضغط داخل البطن.
الحفاظ على وزن صحي: الوزن الزائد يزيد من الضغط على جدار البطن، ما يرفع خطر الإصابة بالفتق.
تجنب رفع الأثقال والمجهود البدني العنيف: لتقليل الضغط المفاجئ على منطقة البطن.
الالتزام بهذه الإرشادات قد لا يمنع الفتق الأربي بشكل قاطع، لكنه يساعد بشكل كبير في الحد من تطور الحالة وتجنب مضاعفاتها مستقبلاً.
أنواع الفتق الأربي
يأخذ الفتق الأربي عدة أشكال تختلف في طبيعتها وخطورتها، ومن أبرز أنواعه:
الفتق الأربي الاختناقي
يُعد أخطر أنواع الفتق الأربي، إذ يؤدي إلى انقطاع تدفق الدم تمامًا عن جزء من الأمعاء، مما يُشكل حالة طارئة تستدعي التدخل الجراحي الفوري لتجنب تلف الأنسجة أو حدوث مضاعفات خطيرة.
الفتق الأربي المحصور
يحدث عندما يعلق جزء من الأمعاء أو الأنسجة في منطقة العانة ولا يمكن إعادته بسهولة بالضغط الخفيف أو اللمس، وهو حالة متوسطة الخطورة قد تتطور إلى الفتق الاختناقي إذا لم تُعالج في الوقت المناسب.
الفتق الأربي غير المباشر
الأكثر شيوعًا بين الأطفال، خاصةً من وُلدوا قبل أوانهم (الخدج). يظهر نتيجة بقاء القناة الأربية مفتوحة بعد الولادة، ما يسمح بمرور الأمعاء أو الأنسجة إلى كيس الصفن لدى الذكور.
الفتق الأربي المباشر
يظهر غالبًا عند البالغين، خصوصًا مع التقدم في السن، بسبب ضعف عضلات جدار البطن مع مرور الوقت، وهو أقل ارتباطًا بالولادة المبكرة وأكثر شيوعًا بين الرجال.
أعراض فتق الخصية
يُعد الفتق الأربي من الحالات التي يسهل ملاحظتها في كثير من الأحيان، إذ يظهر عادة على شكل انتفاخ أو نتوء واضح في منطقة العانة، وقد يمتد أحيانًا إلى كيس الصفن عند الذكور. هذا النتوء قد يكون مصحوبًا بألم يزداد وضوحًا عند الضغط عليه أو لمسه.
أبرز الأعراض المصاحبة للفتق الأربي تشمل:
- تورم أو انتفاخ في كيس الصفن لدى الرجال في الحالات المتقدمة.
- شعور بالحرقان أو الوخز في مكان الفتق.
- ألم يزداد مع السعال، الانحناء، أو ممارسة الأنشطة البدنية.
- إحساس بالثقل أو الشد في منطقة الفتق.
- ألم حاد ومفاجئ في منطقة العانة أو أسفل البطن.
تُعد هذه الأعراض مؤشرًا يستدعي الاستشارة الطبية الفورية، خاصة إذا تزايد الألم أو تغير شكل النتوء، لتجنب مضاعفات مثل الفتق المحصور أو الاختناقي.
كيف يشخّص الأطباء فتق الخصية؟
يعتمد تشخيص الفتق الأربي على الفحص السريري أولًا، مع إمكانية الاستعانة ببعض وسائل التصوير عند الحاجة لتأكيد الحالة.
- الفحص السريري: يبدأ الطبيب بفحص المنطقة الأربية بينما يقف المريض، ثم يطلب منه السعال أو الضغط الخفيف، حيث يؤدي ذلك غالبًا إلى بروز الفتق للخارج، مما يسهل اكتشافه.
- الفحص الخاص بالرجال: قد يقوم الطبيب بإدخال إصبعه بلطف في الطية العلوية لكيس الصفن ويدفعها إلى الأعلى، للتحقق من وجود أي فتق غير ظاهر بالعين المجردة.
- الاختبارات التصويرية: في بعض الحالات، وخاصة عند عدم وضوح الفتق أو عند وجود مضاعفات، يتم اللجوء إلى التصوير بالموجات فوق الصوتية أو التصوير المقطعي المحوسب (CT) للحصول على صورة دقيقة لحالة الأنسجة.
يتيح هذا التشخيص المبكر اختيار العلاج الأمثل وتجنب تطور الحالة نحو الفتق المختنق أو المعقد.
مدى شيوع الفتق الإربي في الخصية ومن هم الأكثر عرضة للإصابة؟
يُعد الفتق الإربي من الحالات الشائعة نسبيًا عند الأطفال، حيث يُصاب به ما يقارب 1% إلى 5% من الذكور الأصحاء المولودين في موعدهم، بينما ترتفع النسبة بشكل ملحوظ لتصل إلى حوالي 30% لدى الأطفال الخدّج.
أما من حيث الفئات الأكثر عرضة، فإن الفتق الإربي يظهر غالبًا في:
- الأطفال دون سن السادسة، إذ يمثلون النسبة الأكبر من الحالات.
- الذكور بشكل خاص، حيث تصل نسبة الإصابة بينهم إلى نحو 90% من إجمالي الحالات المسجلة عند الولادة.
- قد يصيب البالغين أيضًا، لكنه يرتبط بشكل أوضح بعوامل أخرى مثل ضعف عضلات البطن أو الجهد البدني المتكرر.
كيف تعتني بطفلك بعد علاج فتق الخصية؟

بعد إجراء عملية إصلاح الفتق الإربي، قد يعاني طفلك من بعض الألم أو الانزعاج الطفيف، وهو أمر طبيعي ويبدأ بالتلاشي تدريجيًا خلال أسبوع إلى أسبوعين. قد يصف الطبيب بعض الأدوية المسكنة لتخفيف الألم وضمان راحة الطفل في هذه المرحلة.
يمكنكِ تنظيف طفلكِ باستخدام إسفنجة في اليوم التالي للجراحة، ولكن يُفضل تجنب الاستحمام الكامل في حوض الماء لمدة يومين إلى ثلاثة أيام. أما الشرائط الطبية التي تغطي الجرح، فعادةً ما تتساقط من تلقاء نفسها مع مرور الوقت، ولا يُنصح بإزالتها يدويًا. وإذا لم تسقط تلقائيًا، سيقوم الطبيب بإزالتها أثناء زيارة المتابعة.
الأسئلة الشائعة
ماذا أتوقع إذا كان طفلي يعاني من فتق إربي؟
الفتق الإربي من الحالات الشائعة لدى الأطفال، خاصة الرضع. غالبًا يحتاج الطفل إلى عملية جراحية بسيطة لتصحيح الفتق، وعادةً ما تُجرى هذه العملية في العيادات الخارجية، مما يتيح للطفل العودة إلى المنزل في نفس اليوم دون الحاجة إلى البقاء لفترة طويلة في المستشفى.
ما الفرق بين الفتق الإربي والقيلة المائية؟
القيلة المائية عبارة عن أكياس مملوءة بسائل تتشكل في منطقة الفخذ أو كيس الصفن لدى الطفل، وتشبه في مظهرها الفتق الإربي، لكنها لا تحتوي على أي أنسجة من الأمعاء. غالبًا لا تحتاج القيلة المائية إلى تدخل جراحي إلا إذا سببت ألمًا أو مضاعفات، وهي أكثر شيوعًا بين الذكور عند الولادة مقارنة بالإناث.
ما الفرق بين الفتق الإربي وفتق السرة؟
يحدث الفتق السري عندما يبرز جزء من الأنسجة الدهنية أو الأمعاء من خلال فتحة في جدار البطن بالقرب من السرة. هذا النوع غالبًا يختفي تلقائيًا مع مرور الوقت دون تدخل جراحي، بخلاف الفتق الإربي الذي يظهر في منطقة الفخذ ويستلزم عادةً علاجًا جراحيًا.
يُعد الفتق الاربي في الخصية عند الأطفال من الحالات الشائعة التي قد تثير قلق الأهل، خاصة إذا لم يتم اكتشافها مبكرًا أو التعامل معها بالشكل الصحيح. الفهم الجيد للأسباب والعوامل المؤدية لهذه المشكلة، والتعرّف على أعراضها منذ بدايتها، هو الخطوة الأولى لحماية طفلك من أي مضاعفات مستقبلية.
تذكّر أن التشخيص المبكر والتدخل الجراحي في الوقت المناسب، خاصة على يد استشاري جراحة الأطفال الدكتور خالد صلاح، يُسهم بشكل كبير في علاج الفتق الإربي بفعالية ويضمن لطفلك تعافيًا سريعًا ونموًا صحيًا وآمنًا. لا تتردد في استشارة الطبيب عند ملاحظة أي تورم أو انتفاخ غير طبيعي في منطقة الخصية أو الفخذ، فكل دقيقة قد تُحدث فرقًا.

