هل مرض هيرشسبرونغ وراثي؟ شرح الأسباب والنمط الجيني

يُعد مرض هيرشسبرونغ من الاضطرابات النادرة التي تُصيب الأمعاء الغليظة لدى الأطفال منذ الولادة، ويحدث نتيجة غياب الخلايا العصبية المسؤولة عن حركة الأمعاء في جزء معين من القولون، مما يؤدي إلى صعوبة التبرز وانتفاخ البطن ومشاكل هضمية مزمنة. لكن ما يثير قلق كثير من العائلات هو التساؤل الشائع: هل مرض هيرشسبرونغ وراثي ؟ وهل من الممكن أن ينتقل من الآباء إلى الأبناء؟

في هذا المقال، نأخذك في رحلة مبسطة وموثوقة لفهم الأسباب الوراثية والعوامل الجينية وراء مرض هيرشسبرونغ، مع توضيح مدى احتمالية انتقاله بين أفراد العائلة، وكيفية التعامل مع الحالات المشابهة في ضوء ما توصل إليه الطب الحديث.

هل مرض هيرشسبرونغ وراثي؟هل مرض هيرشسبرونغ وراثي

مرض هيرشسبرونغ لا يظهر بمفرده في كثير من الأحيان، بل قد يكون مصحوبًا بتشوهات خِلقية أو ضمن متلازمات أخرى، وتمت دراسة حالاته من خلال نماذج حيوانية أيضًا لفهم طبيعته بشكل أعمق.

من الناحية الجينية، يُعد جين RET من أبرز المسببات المعروفة، إذ تسجّل الطفرات فيه ما يقارب نصف الحالات العائلية، بالإضافة إلى نسبة من الحالات الفردية غير المرتبطة بتاريخ عائلي. كما تم رصد طفرات في جينات أخرى تُشارك في تنظيم الإشارات العصبية مثل GDNF وNTN (وهي بروتينات تتفاعل مع مستقبل RET)، وكذلك جينات في مسارات أخرى مثل EDNRB وEDN3 وECE-1، إلى جانب عامل النسخ المعروف SOX10.

الجدير بالذكر أن بعض هذه الطفرات لا تؤثر على الأمعاء فحسب، بل قد تكون مرتبطة أيضًا بمشكلات مثل اضطرابات التصبغ أو فقدان السمع، مما يعكس الطبيعة المتعددة الأوجه لهذا المرض. ومن المهم أن نعرف أن ظهور الأعراض قد لا يكون مضمونًا حتى في حالة وجود الطفرة، بسبب ما يُعرف بـ”الاختراق غير الكامل”، حيث تؤثر عوامل وراثية أخرى على مدى وضوح المرض.

لذلك، يُصنف مرض هيرشسبرونغ اليوم كنموذج مهم لفهم التفاعل بين عدة جينات في الأمراض الوراثية المعقدة، ويُمثل مجالًا واعدًا للبحث في الطب الجيني الحديث.

ما هو مرض هيرشسبرونج؟

يُعد داء هيرشسبرونغ من الاضطرابات الخَلقية النادرة التي تُصيب الأمعاء الغليظة (القولون)، ويؤدي إلى صعوبة شديدة في التبرز لدى الأطفال حديثي الولادة. ويحدث المرض نتيجة غياب بعض الخلايا العصبية المسؤولة عن تحفيز عضلات القولون على دفع الفضلات، ما يؤدي إلى تراكمها وظهور أعراض انسداد الأمعاء.

في الوضع الطبيعي، تعمل الخلايا العصبية الموجودة في جدران الأمعاء على تنظيم حركة الطعام والفضلات داخل الجهاز الهضمي. لكن عند الأطفال المصابين بهذا المرض، يفتقد جزء من القولون هذه الخلايا العصبية، مما يُسبب توقف حركة الأمعاء في هذه المنطقة، وبالتالي يتجمّع البراز في الأجزاء السليمة، ويؤدي إلى انتفاخها.

غالبًا ما تظهر أعراض المرض مباشرة بعد الولادة، ويُلاحَظ أن الطفل لا يستطيع إخراج البراز خلال اليوم الأول أو الثاني من حياته. أما في الحالات البسيطة أو الجزئية، فقد لا تُكتشف الحالة إلا في وقت لاحق من الطفولة، عندما تبدأ الأعراض في التفاقم.

وعلى عكس ما قد يظنه البعض، فإن حالات نادرة من مرض هيرشسبرونغ تم تشخيصها لدى البالغين أيضًا، وإن كانت غير شائعة.

يعتمد العلاج الأساسي لهذا المرض على الجراحة، إما بإزالة الجزء المصاب من القولون أو بتوصيل الأجزاء السليمة ببعضها لتجاوز المنطقة التي تفتقر إلى الأعصاب.

ما هي أعراض مرض هيرشسبرونغ عند الأطفال؟

تختلف أعراض مرض هيرشسبرونغ من طفل لآخر بحسب مدى تأثر القولون بالمرض. فكلما زادت شدة الحالة، كانت العلامات أكثر وضوحًا. ورغم أن الأعراض تظهر غالبًا خلال الأيام الأولى بعد الولادة، إلا أن بعض الحالات قد لا تُكتشف إلا في مراحل لاحقة من الطفولة.

إذا كنت تبحث عن استشاري انسداد المريء ذو خبرة عالية، يمكنك زيارة موقع د. خالد صلاح للعثور على أفضل الأطباء المتخصصين في هذا المجال.

عند حديثي الولادة

العلامة الأكثر وضوحًا هي عدم قدرة الطفل على التبرز خلال أول 48 ساعة بعد الولادة، وهو ما يُعد جرس إنذار يستدعي التدخل الطبي العاجل.

تشمل الأعراض الأخرى في هذه المرحلة:

  • تقيؤ مائل للون الأخضر أو البني (وهو ناتج عن ركود المواد الهضمية).
  • انتفاخ ملحوظ في البطن.
  • تأخر خروج أول براز للطفل (العقي).
  • صعوبة في إخراج الغازات أو البراز، مما يسبب انزعاجًا مستمرًا للرضيع.
  • الإصابة بإمساك شديد أو إسهال في بعض الأحيان.

عند الأطفال الأكبر سنًا

قد تتأخر الأعراض أو لا تُشخّص مبكرًا، وتظهر تدريجيًا في شكل:

  • إمساك مزمن ومتكرر يصعب علاجه.
  • انتفاخ مستمر في البطن نتيجة تراكم الفضلات.
  • غازات مفرطة تُسبب انزعاجًا وعدم راحة.
  • تباطؤ في النمو أو فقدان الوزن.
  • شعور دائم بالإجهاد والتعب دون سبب واضح.

ما الذي يسبب مرض هيرشسبرونج؟هل مرض هيرشسبرونغ وراثي

حتى الآن، لا يزال السبب الدقيق وراء الإصابة بمرض هيرشسبرونغ غير مفهوم بشكل كامل. ومع ذلك، تشير الأبحاث إلى أن المرض قد يكون مرتبطًا ببعض العوامل الوراثية، حيث يُلاحظ أحيانًا ظهوره في أكثر من فرد داخل العائلة. كما أظهرت بعض الدراسات وجود علاقة بين الإصابة بالمرض وحدوث طفرات جينية معينة خلال فترة تطور الجنين.

يحدث مرض هيرشسبرونغ نتيجة خلل في تكوّن الخلايا العصبية داخل جدار الأمعاء الغليظة أثناء فترة الحمل. هذه الخلايا العصبية هي المسؤولة عن إرسال الإشارات التي تُنظّم انقباض عضلات القولون، والتي بدورها تعمل على دفع الطعام والفضلات عبر الجهاز الهضمي.

وعندما تغيب هذه الخلايا عن جزء من القولون، تفقد الأمعاء قدرتها على الحركة في هذا الجزء، ما يؤدي إلى تراكم الفضلات وحدوث انسداد معوي تدريجي، وهو ما يسبب الأعراض المزعجة مثل الإمساك المزمن والانتفاخ.

باختصار، مرض هيرشسبرونغ ناتج عن فشل جزء من الأمعاء في أداء وظيفته بسبب نقص الخلايا العصبية المسؤولة عن تحفيز الحركة داخل القولون.

إن فهم الأسباب الوراثية بدقة يساعد على الكشف المبكر وتقديم الدعم المناسب للأسرة، خاصة في حال وجود تاريخ مرضي مشابه. وهنا تبرز أهمية متابعة الحالة مع د. خالد صلاح، لما له من خبرة طويلة وتميز في تشخيص وعلاج حالات هيرشسبرونغ باستخدام أحدث تقنيات الجراحة والمناظير الدقيقة.

إذا كنت تبحث عن إجابات دقيقة واستشارة طبية موثوقة لطفلك، فلا تتردد في التواصل مع عيادة الدكتور خالد صلاح، حيث تبدأ رحلة العلاج من الفهم السليم للحالة.

هل مرض هيرشسبرونغ وراثي

عوامل خطر الإصابة بمرض هيرشسبرينج

رغم أن السبب الدقيق لظهور مرض هيرشسبرونغ لا يزال غير مفهوم تمامًا، إلا أن هناك مجموعة من العوامل التي قد تزيد من احتمالية إصابة الطفل بهذه الحالة، وتشمل:

  • التاريخ العائلي للمرض: إذا كان أحد الأشقاء قد تم تشخيصه بمرض هيرشسبرونغ من قبل، فإن احتمالية إصابة الأطفال الآخرين في العائلة قد تزداد. ويُرجّح أن يكون للمرض جانب وراثي يُسهم في انتقاله بين أفراد الأسرة.
  • كون الطفل ذكرًا: تشير الدراسات إلى أن مرض هيرشسبرونغ أكثر شيوعًا لدى الذكور مقارنة بالإناث، مما يجعل جنس الطفل أحد عوامل الخطورة المحتملة.
  • الإصابة بحالات وراثية مصاحبة: هناك علاقة وثيقة بين مرض هيرشسبرونغ وبعض المتلازمات الوراثية، مثل متلازمة داون، وكذلك بعض العيوب الخلقية الأخرى كـ عيوب القلب الخِلقية. وجود هذه الحالات قد يرفع من احتمالية ظهور المرض عند الطفل.

ما هي مضاعفات مرض هيرشسبرونغ؟

رغم أن مرض هيرشسبرونغ يمكن التعامل معه بالجراحة، إلا أن بعض الأطفال قد يواجهون مضاعفات خطيرة إذا لم يُكتشف المرض مبكرًا أو لم يُتابَع بشكل صحيح. من أبرز هذه المضاعفات التهاب الأمعاء والقولون، وهي عدوى حادة تصيب الجهاز الهضمي.

تُعد هذه الحالة طارئة، وقد تُهدد حياة الطفل إذا لم تُعالج على الفور، حيث يمكن أن تؤدي إلى انتفاخ البطن الشديد، والإسهال المفاجئ، والقيء، وأحيانًا الجفاف الشديد أو العدوى المنتشرة في الجسم.

لذلك، فإن المتابعة الدقيقة والتدخل العلاجي المبكر هما خط الدفاع الأول لحماية الطفل من تطور هذه المضاعفات الخطرة.

تشخيص داء هيرشسبرونج كيف يُكتشف المرض بدقة؟

عند الاشتباه في إصابة الطفل بداء هيرشسبرونغ، يبدأ الطبيب بالتقييم السريري من خلال طرح أسئلة تفصيلية حول حركة الأمعاء والتبرز، ثم يُقرر الخطوات التشخيصية المناسبة لتأكيد الإصابة أو استبعادها. وتشمل أبرز هذه الفحوصات:

قياس الضغط الشرجي (اختبار التحكم العضلي)

يُجرى هذا الفحص غالبًا للأطفال الأكبر سنًا أو البالغين، ويعتمد على إدخال بالون صغير في المستقيم. في الحالات الطبيعية، تؤدي نفخة البالون إلى استرخاء العضلات المحيطة. لكن إذا لم يحدث هذا الاسترخاء، فقد يكون ذلك مؤشرًا على داء هيرشسبرونغ نتيجة غياب الإشارات العصبية.

الخزعة النسيجية للقولون

يُعد هذا الفحص هو الأدق لتأكيد الإصابة. حيث تُؤخذ عينة صغيرة من نسيج القولون باستخدام جهاز شفط خاص، ثم تُفحص تحت المجهر للتأكد من وجود أو غياب الخلايا العصبية. غياب هذه الخلايا في العينة هو الدليل القاطع على وجود داء هيرشسبرونغ.

أشعة سينية للبطن بصبغة التباين

يُستخدم الباريوم أو مادة تباين مشابهة تُحقن بلطف عبر أنبوب مخصص يُدخل في المستقيم، لتغليف جدار الأمعاء من الداخل. هذا الإجراء يساعد على تكوين صورة واضحة تظهر شكل القولون. وغالبًا ما تكشف هذه الصور وجود تباين بين الجزء الضيق من الأمعاء (الذي يفتقر إلى الأعصاب) والجزء المتورم خلفه نتيجة تراكم الفضلات.

علاج داء هيرشسبرونغ : كيف تُستعاد وظيفة الأمعاء؟هل مرض هيرشسبرونغ وراثي

يُعد التدخل الجراحي الحل الأساسي لعلاج داء هيرشسبرونغ، حيث يهدف إلى إزالة الجزء المصاب من القولون الذي يفتقر إلى الخلايا العصبية واستعادة المسار الطبيعي لحركة الأمعاء. وتختلف طريقة العلاج حسب شدة الحالة وعمر الطفل، وهناك طريقتان رئيسيتان تُستخدمان:

جراحة الفغر (Colostomy أو Ileostomy)

في بعض الحالات الأكثر تعقيدًا، خاصة عند الأطفال الذين يعانون من مرض متقدم أو مضاعفات، قد يُقرر الأطباء إجراء الجراحة على مرحلتين:

  • المرحلة الأولى: يُزال الجزء المصاب من القولون، ويُوصل الجزء السليم من الأمعاء بفتحة صغيرة يُنشئها الجراح في جدار البطن (تُسمى الفغرة). يخرج البراز مؤقتًا عبر هذه الفتحة إلى كيس خارجي، مما يمنح الأمعاء الوقت اللازم للتعافي.
  • المرحلة الثانية: بعد شفاء القولون، تُجرى جراحة ثانية لإغلاق الفغرة، وإعادة توصيل الأمعاء السليمة بالمستقيم أو بفتحة الشرج، ليعود الجسم إلى التبرز الطبيعي.

جراحة السحب (Pull-Through Surgery)

تُعتبر هذه العملية الخيار الأكثر شيوعًا، وتتمثل في إزالة بطانة الجزء المصاب من القولون ثم سحب الجزء السليم وربطه مباشرة بالمستقيم أو فتحة الشرج.

عادة ما تُجرى هذه الجراحة باستخدام تقنيات دقيقة وأقل تدخلاً مثل تنظير البطن، مما يقلل من الألم وفترة التعافي، وغالبًا ما تتم من خلال فتحة الشرج دون الحاجة إلى شقوق كبيرة.

يُساعد اختيار الطريقة الجراحية الأنسب على تحسين جودة حياة الطفل بشكل كبير، وتخفيف الأعراض المزعجة، مع ضرورة المتابعة الطبية المستمرة لضمان التعافي الكامل وتجنّب أي مضاعفات.

بعد أن استعرضنا الأسباب الجينية والنمط الوراثي المرتبط بمرض هيرشسبرونغ، يتّضح أن الإجابة على سؤال “هل مرض هيرشسبرونغ وراثي؟” تحمل أبعادًا متعددة، حيث تلعب العوامل الوراثية دورًا مؤثرًا في عدد من الحالات، خصوصًا عند وجود تاريخ عائلي أو متلازمات مرتبطة بتشوهات خلقية.

لكن الأهم من ذلك هو الوعي المبكر ومتابعة الطفل منذ ظهور الأعراض الأولى. ومع تطور الفحوصات الجينية وأساليب التشخيص الحديثة، أصبح بالإمكان رصد المرض مبكرًا وتقديم العلاج المناسب في الوقت المثالي.

إذا راودك القلق بشأن احتمالية إصابة طفلك أو وجود عوامل وراثية في العائلة، فإننا في عيادة الدكتور خالد صلاح نقدم لك التقييم الشامل والفحص الدقيق لحالة طفلك، مع خطط علاجية مبنية على أحدث البروتوكولات العالمية وخبرة متخصصة في جراحة الأطفال وعيوب الجهاز الهضمي الخلقية.

Scroll to Top