أعراض مرض هيرشسبرونغ بالتفصيل وكيفية اكتشافه مبكرًا

مرض هيرشسبرونغ، رغم ندرته، يُعدّ أحد أكثر اضطرابات الجهاز الهضمي تعقيدًا في مرحلة الطفولة، حيث يتسبب في خلل مزمن بحركة الأمعاء نتيجة غياب الخلايا العصبية المسؤولة عن التقلصات الطبيعية للقولون. المشكلة الكبرى تكمن في أن أعراضه قد تتشابه مع مشاكل هضمية شائعة، مما يجعل اكتشافه المبكر تحديًا حقيقيًا للأهل والأطباء على حد سواء.

في هذا المقال الحصري على موقع دكتور خالد صلاح، نسلّط الضوء بالتفصيل على أعراض مرض هيرشسبرونغ ، بدايةً من العلامات الأولية في حديثي الولادة وحتى المؤشرات التي قد تظهر في مراحل عمرية متقدمة، مع شرح دقيق لطرق التشخيص الحديثة وكيفية التمييز بينه وبين غيره من اضطرابات الجهاز الهضمي. تابع القراءة لتتعرف على كل ما تحتاج معرفته لاكتشاف هذا المرض مبكرًا وتفادي مضاعفاته الخطيرة.

أعراض مرض هيرشسبرونغ متى تبدأ ؟أعراض مرض هيرشسبرونغ بالتفصيل

تختلف أعراض داء هيرشسبرونغ من طفل لآخر حسب مدى تأثر القولون، لكن القاسم المشترك هو ظهور علامات واضحة تدل على وجود مشكلة في حركة الأمعاء. في أغلب الحالات، تبدأ الأعراض بعد الولادة مباشرة، إلا أن بعض الحالات لا تُكتشف إلا في مراحل لاحقة من الطفولة.

أبرز الأعراض عند حديثي الولادة تشمل:

  • عدم التبرّز خلال أول 48 ساعة بعد الولادة (أكثر العلامات وضوحًا)
  • إمساك شديد أو غازات مزعجة للرضيع
  • أحيانًا، يظهر الإسهال في حالات نادرة بدلًا من الإمساك
  • تأخر إخراج البراز الأول (العقي)
  • انتفاخ ملحوظ في البطن
  • القيء، وقد يكون مائلًا إلى اللون الأخضر أو البني

أما لدى الأطفال الأكبر سنًا، فقد تشمل الأعراض:

  • إمساك مزمن لا يستجيب للعلاجات التقليدية
  • انتفاخ مستمر في البطن
  • ضعف في النمو مقارنة بالأطفال في نفس العمر
  • زيادة الغازات والشعور بعدم الارتياح
  • الشعور الدائم بالتعب أو الخمول

من المهم عدم تجاهل هذه العلامات، خاصة إذا كانت متكررة أو مزمنة، لأن التشخيص المبكر يحدث فرقًا كبيرًا في نجاح العلاج.

ويؤكد دكتور خالد صلاح، الخبير في طب الأطفال والجهاز الهضمي، على أهمية الانتباه لتلك الأعراض منذ بدايتها، إذ يساعد الاكتشاف المبكر على تجنّب المضاعفات ويزيد من فرص الشفاء الكامل عبر التدخل المناسب في الوقت المناسب.أعراض مرض هيرشسبرونغ بالتفصيل

ما هو داء هيرشسبرونغ؟

داء هيرشسبرونغ هو اضطراب خلقي نادر يصيب القولون (الأمعاء الغليظة)، ويؤدي إلى صعوبة شديدة في عملية التبرّز لدى الأطفال، خاصة في الأيام الأولى بعد الولادة. السبب الرئيسي لهذا المرض هو غياب بعض الخلايا العصبية المسؤولة عن تحفيز عضلات القولون على دفع الفضلات وتحريكها بشكل طبيعي داخل الأمعاء. ونتيجة لهذا الخلل، تتوقف حركة الأمعاء في الجزء المصاب، مما يؤدي إلى تراكم المحتويات وحدوث انسداد.

غالبًا ما تظهر أعراض المرض مباشرة بعد الولادة، ولكن في بعض الحالات البسيطة، قد لا يتم التعرف على المشكلة إلا لاحقًا خلال الطفولة. ومن المفاجئ أن بعض الحالات النادرة شُخِّصت لأول مرة في سن البلوغ، على عكس ما يعتقد الكثيرون.

العلاج الأساسي لداء هيرشسبرونغ يتمثل في التدخل الجراحي، حيث يقوم الأطباء إما بإزالة الجزء المصاب من القولون أو تحويل مساره، بهدف استعادة وظيفة الأمعاء الطبيعية وتحسين جودة حياة الطفل.

ما أسباب داء هيرشسبرونغ؟

حتى الآن، لا تزال الأسباب الدقيقة وراء داء هيرشسبرونغ غير مفهومة تمامًا، لكن الأبحاث تشير إلى أن العوامل الوراثية قد تلعب دورًا مهمًا في ظهوره. ففي بعض الحالات، يظهر المرض ضمن أفراد العائلة الواحدة، وقد يكون مرتبطًا بطفرة جينية تؤثر في تطوّر الجهاز العصبي داخل الأمعاء.

يحدث هذا الاضطراب نتيجة خلل في نمو الخلايا العصبية المسؤولة عن تحريك عضلات القولون أثناء فترة الحمل. هذه الخلايا تلعب دورًا أساسيًا في تنظيم حركة الأمعاء، فهي تُرسل إشارات تحفّز العضلات على الانقباض ودفع الطعام والفضلات إلى الخارج. وعندما لا تتكوّن هذه الأعصاب بشكل كامل في جزء من القولون، تتوقف الحركة في هذا الجزء، مما يؤدي إلى تراكم البراز وحدوث انسداد.

ويشير دكتور خالد صلاح إلى أن فهم آلية المرض يساعد بشكل كبير في التوعية بخطورته، خاصة في الحالات الوراثية أو عندما يُلاحظ وجود أعراض مشابهة بين الإخوة أو أفراد العائلة.

تختلف تكلفة عملية انسداد المريء حسب نوع العملية والمستشفى المختار. للحصول على تقدير دقيق، يمكنك زيارة موقع د. خالد صلاح لمزيد من التفاصيل.

من هم الأطفال الأكثر عرضة للإصابة بداء هيرشسبرونغ؟

رغم أن داء هيرشسبرونغ ليس من الأمراض الشائعة، إلا أن هناك فئة من الأطفال تكون احتمالية إصابتهم أعلى بسبب عوامل معينة مرتبطة بالوراثة أو ببعض الحالات الصحية الأخرى. فمعرفة هذه العوامل لا تعني بالضرورة حدوث المرض، لكنها تُنبه الأهل إلى ضرورة المتابعة الدقيقة والكشف المبكر عند ظهور أي أعراض.

أهم عوامل الخطر التي يجب الانتباه لها:

كون الطفل ذكرًا

تشير الدراسات إلى أن الذكور أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض مقارنة بالإناث، على الرغم من أن السبب وراء ذلك لم يُفهم بشكل كامل حتى الآن.

وجود اضطرابات وراثية أخرى

يرتبط داء هيرشسبرونغ في بعض الأحيان بمتلازمات وراثية مثل متلازمة داون، كما قد يظهر لدى الأطفال الذين يعانون من عيوب خلقية في القلب أو أمراض وراثية أخرى تؤثر على النمو العصبي.

الوراثة وتكرار الحالة داخل العائلة

إذا سبق لأحد الأطفال في العائلة أن أُصيب بداء هيرشسبرونغ، فإن احتمال إصابة الإخوة البيولوجيين يصبح أعلى، لأن المرض قد ينتقل عبر الجينات من جيل إلى آخر.

ويُشدد دكتور خالد صلاح، الخبير في أمراض الجهاز الهضمي للأطفال، على أهمية مراقبة أي أعراض غير طبيعية لدى الرضيع، خاصة في حال وجود أحد عوامل الخطر المذكورة، لأن التدخل المبكر يُحدث فارقًا كبيرًا في مسار العلاج وراحة الطفل.

ما المضاعفات المحتملة لداء هيرشسبرونغ؟أعراض مرض هيرشسبرونغ بالتفصيل

رغم أن داء هيرشسبرونغ يمكن التعامل معه طبيًا بشكل فعّال عند اكتشافه مبكرًا، إلا أن إهماله أو تأخر تشخيصه قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة، قد تهدد حياة الطفل.

أخطر هذه المضاعفات هو التهاب الأمعاء والقولون، وهي عدوى حادة تصيب الجهاز الهضمي وتسبب تهيجًا شديدًا في جدار الأمعاء. وقد تظهر أعراضها على شكل إسهال مفاجئ، انتفاخ شديد، حمى، وأحيانًا دم في البراز.

هذا النوع من الالتهاب يُعدّ من الحالات الطارئة التي تستدعي تدخلًا طبيًا فوريًا، لأنه قد يتطور بسرعة ويؤدي إلى مشاكل تهدد حياة الطفل، خاصة في مراحله الأولى.

ويُحذر دكتور خالد صلاح من تجاهل الأعراض التي قد تشير إلى وجود هذه المضاعفات، مؤكدًا أن المتابعة الدقيقة والتدخل العلاجي السريع يمكن أن ينقذ حياة الطفل ويمنع تفاقم الحالة.

كيف يُعالج مرض هيرشسبرونغ؟

يُعد التدخل الجراحي هو الخيار الأساسي لعلاج داء هيرشسبرونغ، ويهدف إلى إزالة الجزء من الأمعاء الذي يفتقر إلى الأعصاب، ثم إعادة توصيل الأجزاء السليمة حتى يتمكن الجهاز الهضمي من أداء وظائفه بشكل طبيعي.

انواع العمليات الجراحية

جراحة السحب (Pull-Through Surgery): في هذه العملية، يقوم جراح الأطفال بإزالة الجزء المصاب من القولون – وهو الجزء الذي لا يحتوي على الخلايا العصبية – ثم يربط الجزء السليم مباشرة بالمستقيم. هذا الإجراء هو الأكثر شيوعًا ويتم غالبًا في سن مبكرة بعد التشخيص.

جراحة الفُغرة المؤقتة (Stoma Surgery): في بعض الحالات، خاصة إذا كان الطفل يعاني من مضاعفات مثل التهاب القولون أو انسداد حاد، قد يوصي الطبيب بإجراء فغر القولون بشكل مؤقت.

خلال هذه العملية، يُنشئ الجراح فتحة في جدار البطن (فُغرة) لتصريف البراز في كيس خارجي، مما يُتيح للأمعاء المصابة فرصة للراحة والشفاء.

تُستخدم هذه الطريقة عادة لمدة تتراوح بين 12 إلى 18 شهرًا، وبعدها تُغلق الفتحة بعملية لاحقة ويُعاد ربط الأمعاء بشكل نهائي.

مراحل العلاج الجراحي

في بعض الحالات المعقدة، يتم تقسيم العلاج إلى ثلاث مراحل:

  • إجراء الفُغرة المؤقتة لتخفيف الضغط على الأمعاء.
  • استئصال الجزء المصاب بالجراحة وربط الأمعاء السليمة بالمستقيم.
  • إغلاق الفُغرة وإعادة الوظائف الطبيعية للجهاز الهضمي.

المتابعة بعد الجراحة

حتى بعد نجاح العملية، يحتاج الطفل إلى متابعة دقيقة قد تستمر حتى 3 سنوات، لضمان التعافي التام ومنع أي مضاعفات لاحقة.

تشمل المتابعة:

  • تنظيم نظام غذائي مناسب
  • تدريب الطفل تدريجيًا على استخدام المرحاض
  • علاج أي مشكلات في الهضم مثل الإمساك أو الإسهال أو سلس البول

ويشدد دكتور خالد صلاح على أهمية الدعم النفسي والغذائي خلال فترة الشفاء، إذ أن بعض الأطفال قد يشعرون بالإجهاد أو يفقدون الشهية بعد العملية، وهنا يكون التدخل الغذائي المتوازن – سواء عن طريق الفم أو عبر التغذية الوريدية – ضروريًا لنمو الطفل واستعادته لعافيته.

هل يمكن أن تحدث مضاعفات بعد الجراحة؟

رغم أن معظم الأطفال يتعافون بشكل جيد، إلا أن بعض الحالات قد تواجه أعراضًا مزعجة مثل:

  • إمساك متكرر
  • إسهال مفاجئ
  • صعوبة في التحكم بالإخراج (سلس البول)

وفي هذه الحالات، يجب استشارة الطبيب فورًا لتقديم العلاج المناسب وتعديل النظام الغذائي أو خطة المتابعة.

في النهاية، يمكن لمعظم الأطفال الذين خضعوا للعلاج الجراحي أن ينعموا بحياة طبيعية وصحية تمامًا، شرط الالتزام بالتعليمات والمتابعة المنتظمة مع الطبيب المختص.

كيف يُشخّص الأطباء داء هيرشسبرونغ عند الأطفال؟أعراض مرض هيرشسبرونغ بالتفصيل

غالبًا ما يبدأ الشك بوجود داء هيرشسبرونغ عندما يُلاحظ تأخر الرضيع في التبرّز خلال أول 24 ساعة بعد الولادة، وهي من العلامات التحذيرية المبكرة التي لا ينبغي تجاهلها. عندها يبدأ الفريق الطبي بإجراء مجموعة من الفحوصات الدقيقة لتأكيد التشخيص.

إليك أبرز الوسائل التي يستخدمها الأطباء للكشف عن هذا المرض:

الأشعة السينية مع حقنة الباريوم

يتم إعطاء الطفل مادة تُسمى “الباريوم” عبر فتحة الشرج، وهي تساعد في توضيح شكل الأمعاء داخل الجسم عند التصوير بالأشعة. في حال وجود داء هيرشسبرونغ، تظهر مناطق من الأمعاء منتفخة نتيجة تراكم البراز فوق الجزء الضيق المصاب بالخلل.

خزعة من المستقيم (Rectal Biopsy)

وهي أدق الطرق لتأكيد الإصابة. يقوم الطبيب بأخذ عينة صغيرة من جدار المستقيم وفحصها تحت المجهر. يُظهر هذا الفحص ما إذا كانت الأعصاب المسؤولة عن حركة الأمعاء موجودة في تلك المنطقة أم لا.

قياس ضغط المستقيم (Manometry)

يُستخدم هذا الفحص غالبًا مع الأطفال الأكبر سنًا. يتم فيه قياس كيفية استجابة عضلات المستقيم للضغط، وهو يساعد في تحديد ما إذا كانت الأمعاء تعمل بالشكل الطبيعي عند مرور البراز.

التشخيص المبكر هو مفتاح النجاح في العلاج، فكلما تم اكتشاف المرض في مراحله الأولى، زادت فرص التعافي وتجنّب المضاعفات.

في النهاية، يُعد مرض هيرشسبرونغ من الحالات التي قد تبدأ أعراض مرض هيرشسبرونغ بسيطة ولكنها تحتاج إلى انتباه دقيق وتدخل طبي مبكر لتجنّب أي مضاعفات خطيرة. فهم الأعراض منذ الأيام الأولى من عمر الطفل، والانتباه لأي تأخير في التبرز أو انتفاخ غير مبرر في البطن، قد يُحدث فارقًا كبيرًا في حياة الصغير.

التشخيص المبكر والعلاج الجراحي الصحيح غالبًا ما يضمنان للطفل حياة طبيعية ونموًا سليمًا دون مشكلات مستقبليّة. وهنا تبرز أهمية المتابعة مع طبيب مختص يتمتع بالخبرة في هذا المجال.

وينصح دكتور خالد صلاح، استشاري جراحة الأطفال، جميع الأمهات والآباء بعدم التردد في استشارة الطبيب عند ملاحظة أي علامة غير معتادة، فالصحة تبدأ بالوعي… والوقاية دائمًا خير من العلاج.

Scroll to Top