تُعدّ تشوهات الجهاز البولي عند الاطفال من القضايا الصحية الدقيقة التي تستوجب اهتمام خاصًا من الأهل والأطباء على حدّ سواء، إذ تلعب دورًا محوريًا في نمو الطفل وصحته العامة. ومع التطور الطبي الكبير الذي يشهده عام 2025، أصبح الكشف المبكر عن هذه التشوهات وعلاجها أكثر دقة وفاعلية من أي وقت مضى.
في هذا المقال، نسلّط الضوء على أبرز أنواع تشوهات الجهاز البولي عند الرضع وكيفية التعرف على أعراضها في المراحل المبكرة، بالإضافة إلى أحدث طرق العلاج المتاحة وفقًا لأحدث التوصيات الطبية. هدفنا هو مساعدة الآباء على فهم هذه الحالات بعمق، وتمكينهم من اتخاذ القرارات الصحيحة للحفاظ على صحة أطفالهم وجودة حياتهم.
يقدّم موقع دكتور خالد صلاح في مصر معلومات طبية دقيقة حول الفتق في الأطفال وأحدث طرق التشخيص والعلاج لضمان صحة أفضل لطفلك.
ما هي تشوهات الجهاز البولي الخلقي عند الأطفال؟
تُعد تشوهات الجهاز البولي الخلقي من أبرز العيوب التي يمكن أن تصيب الطفل منذ مراحل تكوينه الأولى داخل رحم الأم، إذ تؤثر على الشكل أو الوظيفة الطبيعية للكليتين والمسالك البولية، وقد تمتد أحيانًا لتشمل الأعضاء التناسلية في ما يُعرف بـ تشوهات الجهاز البولي التناسلي. هذه التشوهات قد تتفاوت في شدتها بين البسيطة التي لا تسبب أعراضًا واضحة، والمعقدة التي تستدعي تدخلاً طبيًا مبكرًا لحماية الكلى والحفاظ على سلامة الجهاز البولي.
في الحالة الطبيعية، تؤدي الكليتان دورًا أساسيًا في تنقية الدم من السموم وتنظيم توازن السوائل والأملاح في الجسم، إلى جانب إفراز هرمونات مهمة تتحكم في ضغط الدم وتساهم في إنتاج خلايا الدم الحمراء وتقوية العظام. بعد ذلك، ينتقل البول المتكوّن عبر الحالبين إلى المثانة ليُخزَّن مؤقتًا، ثم يُطرح خارج الجسم عبر الإحليل.
غير أنّ وجود خلل خلقي في أي جزء من هذا النظام الدقيق قد يعيق تدفق البول أو يؤثر في بنية الأعضاء، مما يؤدي إلى تراكم السوائل وتلف أنسجة الكلى تدريجيًا، وهو ما يستدعي التشخيص المبكر والعلاج المناسب للحفاظ على وظائف الكلى ومنع المضاعفات المستقبلية.
عادة ما تُكتشف هذه الحالات مبكرًا أثناء الحمل من خلال فحص الموجات فوق الصوتية الذي يجريه طبيب النساء والتوليد، حيث يمكن ملاحظة أي خلل في تكوين الكلى أو المثانة. وفي بعض الأحيان، لا تظهر تشوهات الجهاز البولي التناسلي إلا بعد الولادة، عندما يبدأ الطبيب في متابعة نمو الطفل ووظائف جهازه البولي بدقة.
ما هي أعراض تشوه المسالك البولية عند الأطفال؟

تُعتبر تشوهات الجهاز البولي عند الجنين من الحالات التي يمكن اكتشافها في مرحلة مبكرة أثناء الحمل، لكن في بعض الحالات، لا تُكتشف هذه التشوهات إلا بعد الولادة، وتبدأ الأعراض في الظهور تدريجيًا خلال الأشهر الأولى من حياة الطفل. ومن أبرز أعراض تشوه المسالك البولية التي ينبغي على الوالدين الانتباه إليها ما يلي:
- تكرار التهابات المسالك البولية: وهي من العلامات الأكثر شيوعًا، وقد تظهر على شكل ارتفاع في درجة الحرارة دون سبب واضح.
- تغيّر نمط التبول: سواء كان في صورة زيادة مفرطة في عدد مرات التبول أو قلة واضحة في كميته.
- انتفاخ البطن: ويحدث نتيجة احتباس البول داخل المثانة أو الكليتين بسبب انسداد جزئي في المسالك البولية.
- وجود دم في البول: وهي علامة تدل على تهيج أو تلف في أجزاء من الجهاز البولي.
- الغثيان والقيء المتكرر: وقد يرتبط ذلك بتأثر وظائف الكلى نتيجة التشوه.
- بطء نمو الطفل وتأخر اكتسابه للوزن الطبيعي: لأن اضطراب وظائف الكلى يؤثر على توازن السوائل والعناصر الغذائية في الجسم.
إن ملاحظة أي من هذه الأعراض تستدعي استشارة الطبيب المختص في أقرب وقت، خاصة طبيب المسالك البولية للأطفال، لإجراء الفحوص اللازمة وتحديد السبب بدقة. فالتشخيص المبكر يُحدث فارقًا كبيرًا في علاج تشوهات الجهاز البولي الخلقية وضمان سلامة الكلى ووظائفها الحيوية.
وفي مثل هذه الحالات الدقيقة، يُنصح بمراجعة الأستاذ الدكتور خالد صلاح أحد أبرز المتخصصين في علاج تشوهات الجهاز البولي والتناسلي عند الأطفال، لضمان رعاية طبية دقيقة وآمنة.
علاج العيوب الخَلقية في الجهاز البولي
العلاج الجراحي
عندما يُهدد التشوه سلامة الكلى أو يسبب انسدادًا في تدفق البول أو التهابات متكررة، يكون الحل الأمثل هو التدخل الجراحي، فتختلف طبيعة العملية باختلاف نوع العيب ومكانه، فكل حالة تُقيَّم بشكل منفرد، وقد تتراوح الجراحة بين عمليات بسيطة بالمنظار إلى جراحات ترميمية معقدة تهدف إلى إعادة بناء الجزء المصاب من المسالك البولية.
العلاج الدوائي
في بعض الحالات، تُستخدم الأدوية إما كخيار علاجي مساعد أو لتخفيف الأعراض والمضاعفات المرافقة للعيب الخَلقـي. ومن أبرزها:
- المضادات الحيوية: تُعطى للحد من الالتهابات البكتيرية التي قد تصيب الجهاز البولي نتيجة ركود البول أو ضعف تصريفه.
- المسكنات: تُستخدم لتخفيف الألم، خاصة بعد العمليات الجراحية أو أثناء فترات التهيج الحاد.
ما هي أسباب تشوهات في الجهاز البولي عند الأطفال؟
- العوامل الوراثية والطفرات الجينية: تلعب الجينات دورًا أساسيًا في تطور الكلى والجهاز البولي، وأي خلل أو طفرة في هذه الجينات قد يؤدي إلى تكوين غير طبيعي في الكليتين أو الحالبين أو المثانة. بعض هذه الطفرات قد تُورّث من أحد الأبوين، بينما قد تظهر تلقائيًا دون تاريخ عائلي سابق.
- زواج الأقارب: يُعد من أكثر العوامل التي تزيد احتمال ظهور تشوهات في الجهاز البولي أو الجهاز البولي التناسلي، نظرًا لاحتمال انتقال الجينات المتشابهة التي تحمل طفرات خفية بين الزوجين، مما يزيد فرص حدوث العيوب الخلقية لدى الأطفال.
- نقص العناصر الغذائية أثناء الحمل: عدم حصول الأم على كميات كافية من بعض الفيتامينات والمعادن المهمة، مثل حمض الفوليك والحديد، قد يؤثر سلبًا على تطور الجهاز البولي والتناسلي للجنين، مما يزيد من احتمالية حدوث التشوهات.
- العوامل البيئية وتأثير الأدوية أو السموم: في بعض الحالات، قد يؤدي التعرض لبعض المواد الكيميائية أو الأدوية خلال الأشهر الأولى من الحمل إلى اضطراب في نمو الأعضاء البولية أو التناسلية لدى الجنين.
ما هي مشاكل الأعضاء التناسلية عند الأطفال؟

فيما يلي أهم أنواع التشوهات الخِلقية في الجهاز البولي والتناسلي للأطفال وطرق علاجها:
تشوهات مجرى البول (الإحليل العلوي والسفلي)
تُعتبر تشوهات الإحليل من أكثر عيوب الجهاز التناسلي الذكري شيوعًا، حيث تؤثر على موضع فتحة مجرى البول أو على شكل القضيب، وقد تظهر أيضًا لدى الإناث وإن كانت أقل شيوعًا.
تشوه الإحليل العلوي هو تشوه خلقي نادر يحدث عندما لا يكتمل تكوين قناة مجرى البول بشكل طبيعي، مما يؤدي إلى خروج البول من فتحة غير طبيعية .
- عند الذكور، قد تظهر الفتحة في الجزء العلوي من القضيب أو بالقرب من قاعدة العانة.
- أما لدى الإناث، فقد تكون فتحة الإحليل في منطقة أعلى البطن بدلًا من موقعها الطبيعي بين الشفرتين، فغالبًا ما يرتبط هذا التشوه بوجود انقلاب في المثانة للخارج، وهي حالة نادرة تكون فيها المثانة خارج تجويف البطن.
- العلاج: يُعالج عادةً من خلال جراحة ترميمية تهدف إلى إعادة فتحة الإحليل إلى موقعها الصحيح، مع تصحيح الشكل التشريحي للمثانة والقضيب لضمان التحكم الطبيعي في البول.
تشوه الإحليل السفلي يُعد أحد أكثر العيوب الخلقية في الجهاز التناسلي الذكري شيوعًا، ويحدث عندما تكون فتحة مجرى البول في الجزء السفلي من القضيب بدلاً من طرفه، وقد يصاحب الحالة انحناء في القضيب أو تشوه في الجلد المغطي لرأس القضيب.
- إذا لم يُعالج، قد يواجه الطفل صعوبة في التبول أو مشاكل مستقبلية في الوظيفة التناسلية.
- العلاج: يُعالج غالبًا عبر الجراحة الترميمية في مرحلة الطفولة المبكرة لتصحيح مسار الإحليل وتحسين الشكل التشريحي للقضيب.
تشوهات حوض الكلى
تُعد تشوهات الكلى عند الجنين من أكثر الحالات التي تُكتشف أثناء الحمل، وتُعرف غالبًا باسم “انتفاخ حوض الكلى” أو “توسع حوض الكلى”. ويحدث ذلك نتيجة اضطراب في تصريف البول من الكلية إلى الحالب، مما يؤدي إلى تراكم السوائل داخل الكلية وتضخمها.
الأسباب:
- انسداد جزئي عند التقاء الحالب بحوض الكلية.
- ارتجاع البول من المثانة إلى الحالبين (ارتجاع الصمام الخلفي).
العلاج: في الحالات البسيطة، تُكتفى بالمتابعة الدورية باستخدام الموجات فوق الصوتية لقياس حجم حوض الكلى ووظائفها.
تشوهات الحالب
تُعد من أكثر أسباب أمراض الجهاز البولي عند الأطفال شيوعًا، إذ تؤدي إلى انسداد أو تسرب البول بطريقة غير طبيعية.
- الحالب المنتبذ يحدث عندما لا يتصل الحالب بالمثانة في موضعه الصحيح، بل يفتح في الإحليل أو المستقيم أو عنق المثانة. يؤدي هذا الخلل إلى تسرب البول أو التهابات متكررة في المسالك البولية.
- العلاج: إعادة توصيل الحالب بمكانه الطبيعي في المثانة من خلال جراحة دقيقة تضمن تصريف البول بشكل سليم وحماية الكلية من التلف.
- ارتجاع الحالب (الجزر المثاني الحالبي) في هذه الحالة، يتدفق البول في الاتجاه المعاكس من المثانة إلى الحالب أو الكلى بسبب خلل في الصمام الذي يمنع الارتجاع.
تشوه الصمام الخلفي لمجرى البول
هو عيب خلقي نادر يصيب الأطفال الذكور فقط، وينتج عن وجود غشاء رقيق في الجزء الخلفي من مجرى البول يمنع خروج البول بحرية من المثانة، مما يؤدي إلى احتباس البول وتورم الكليتين.
العلاج: يُعالج عن طريق إزالة الغشاء باستخدام المنظار البولي لتحسين تدفق البول وتجنب المضاعفات الكلوية.
مضاعفات العيوب الخِلقية في المسالك البولية
- آلام أسفل الظهر: تنتج عادةً عن ضعف تدفق البول أو احتباسه داخل الكلية، مما يؤدي إلى ضغط مؤلم ومستمر في تلك المنطقة.
- ظهور كتلة محسوسة في جانب البطن: وقد تكون هذه الكتلة دليلاً على تضخم الكلية نتيجة تجمع البول فيها لفترات طويلة.
- تكوّن الحصوات الكلوية: بسبب ركود البول وصعوبة تصريفه، ما يسهّل ترسّب الأملاح والمعادن وتحوّلها إلى حصوات مؤلمة.
- التهابات متكررة في المسالك البولية: إذ يوفّر الركود البولي بيئة مثالية لنمو البكتيريا وازدياد احتمالية العدوى.
- الإصابة بأمراض الكلى المزمنة: ومع مرور الوقت، قد تتراجع كفاءة الكلى تدريجيًا إلى أن تصل إلى مراحل متقدمة من الفشل الكلوي.
تشخيص العيوب الخَلقية في المسالك البولية
أولًا: التشخيص قبل الولادة
يُتيح فحص الأشعة فوق الصوتية (Ultrasound) للأطباء فرصة استكشاف شكل الجهاز البولي والتناسلي للجنين أثناء الحمل. فإذا كان هناك تشوه واضح أو تضخم في الكلى أو المثانة، فإن هذا الفحص يستطيع رصده بسهولة، مما يُساعد على اتخاذ الإجراءات الطبية المناسبة مبكرًا.
ثانيًا: التشخيص بعد الولادة
في حال لم تُكتشف العيوب أثناء الحمل، يمكن التعرف عليها بعد الولادة باستخدام مجموعة من الفحوصات الدقيقة، منها:
الفحص السريري: يبدأ الطبيب عادة بملاحظة الشكل الخارجي للأعضاء التناسلية والتأكد من توافقها مع الشكل التشريحي الطبيعي. كما يقوم بجسّ المنطقة لاكتشاف أي مشكلات مثل حالة الخصية المهاجرة أو وجود كتل غير طبيعية.
التصوير بالأمواج فوق الصوتية: يُستخدم هذا الفحص لتصوير الكليتين والمسالك البولية بالكامل، مما يُساعد في تحديد أي تشوهات خَلقية في البنية الداخلية للجهاز البولي.
التصوير بالمواد المشعة (Radioactive Scan): يُعدّ هذا النوع من الفحوص من أكثر الوسائل دقة، إذ يعتمد على استخدام كميات ضئيلة من المواد المشعة لتصوير الأعضاء الداخلية بدقة عالية. ويُسهم في الكشف عن أي عيب خَلقـي أو خلل في وظائف الكلى والمسالك البولية.
طرق الوقاية من العيوب الخَلقية في الجهاز البولي

فيما يلي أبرز النصائح التي يُوصي بها الأطباء للحفاظ على صحة الجنين أثناء الحمل:
- الالتزام بالمكملات الغذائية الموصوفة طبيًا: لا تتناولي أي مكملات من تلقاء نفسك، بل التزمي بالجرعات التي يحددها الطبيب المختص، إذ يساهم ذلك في إمداد الجسم بالعناصر الضرورية لتطوّر الجهاز البولي والأنسجة الحيوية للجنين.
- اتباع نظام غذائي متوازن: احرصي على تناول الأطعمة الغنية بالفيتامينات والمعادن الأساسية، وخاصة تلك التي تحتوي على حمض الفوليك، الحديد، والكالسيوم، مع تجنّب الأغذية المعلبة أو الغنية بالدهون المشبعة والسكريات.
- ممارسة التمارين الرياضية المناسبة للحمل: تساعد التمارين الخفيفة مثل المشي أو اليوغا الخاصة بالحامل على تنشيط الدورة الدموية وتحسين صحة الجسم عامة، مما يدعم نمو الجنين بشكل طبيعي.
- الحفاظ على الاتزان النفسي والعاطفي: التوتر والقلق المزمن قد يؤثران سلبًا على صحة الأم وجنينها، لذلك يُنصح بممارسة أساليب الاسترخاء كالتنفس العميق، والنوم الكافي، والابتعاد عن مصادر الضغط النفسي قدر الإمكان.
في الختام، يمكن القول إن تشوهات الجهاز البولي عند الاطفال ليست حكمًا نهائيًا على مستقبلهم الصحي، بل هي حالة يمكن السيطرة عليها بفضل التقدم الطبي الهائل في التشخيص والعلاج. فكلما تم اكتشاف العيب في وقت مبكر، زادت فرص العلاج الناجح وتجنّب المضاعفات، إن وعي الأهل ومتابعتهم الدورية لصحة أطفالهم يمثلان حجر الأساس في الوقاية والكشف المبكر، فزيارة الطبيب عند ملاحظة أي أعراض غير طبيعية ليست مجرد إجراء روتيني، بل خطوة حاسمة نحو الحفاظ على سلامة الكلى والمسالك البولية، ومع التطور المستمر في أساليب الجراحة الدقيقة والعلاجات الحديثة لعام 2025، أصبح الأمل أكبر من أي وقت مضى في منح كل طفل فرصة لحياة طبيعية وصحية خالية من المعاناة.

